لمن لم يتابع حادثة بلاش بربرة، فهي باختصار،أن أحد المدراء الكبار لمنشأة كبيرة طلب من أحد رؤساء الأقسام تنفيذ شيء ما. لكن الموظف رفض تنفيذ الطلب بحجة أنه مخالف للأنظمة، لم يحتمل سعادة المدير أن موظفا تحت ادارته يرفض طلبه، فأبلغ موظفه عبر الايميل بضرورة تنفيذ الطلب مذيلا ايميله بجملة مفادها ” نفذ الطلب وبلاش بربرة”، على اثرها قام الموظف بتقديم استقالته عبر الايميل والذي قبلها سعادة المدير، بعدها قام الموظف بنشر المحادثة الكتابية عبر وسائل التواصل. انتهت القصة.
سأنظر للحادثة من زاوية أخرى، فكلنا يتفق أن سعادة المدير قائل عبارة “بلاش بربرة” لم يتعامل مع الموقف بالطريقة المثلى كشخص على رأس الهرم و ظهر كشخص غير منضبط لا يسيطر على أعصابه و لا يحسن إدارة الأزمة أو إدارة موظفيه وظهر كمدير من المدرسة القديمة في الإدارة الذي يفصل بينه وبين موظفيه حواجز أسمنتية كثيرة.
في المقابل فإن الموظف لم تكن ردة فعله بشكل حكيم، بل اتسمت بالانفعالية. فنشر المراسلات الداخلية للمنشأة عبر وسائل التواصل عمل غير احترافي ابدا له أبعاد سلبية على المنشأة و على الموظف الذي نشر المراسلات.
أضف إلى ذلك أن أي منشأة أخرى ستفكر الف مرة قبل ضم الموظف ناشر المراسلات. الدرس الأكبر المستفاد من حادثة “بلاش بربرة” أنه مهما تعرضنا من مواقف مستفزة فيجب أن تكون ردود أفعالنا متزنة و محسوبة و مدروسة.
وبنظرة سريعة الى الحادثة نكاد نتوقع أن المنشأة التي حدثت فيها القصة لا تملك سياسة منظمة للتعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي لتضبط تعامل موظفيها مع وسائل التواصل أسوة بالمنشآت العالمية الكبرى.
فشركة أديداس مثلا، تملك سياسة صارمة للتعامل مع وسائل التواصل وتطلب من جميع موظفيها و منذ اليوم الأول لعملهم التوقيع على هذه السياسة. و أحد بنود هذه السياسة هو منع نشر أي معلومات تخص المنشأة مثل المعلومات الموجودة في الشبكة الداخلية للمنشأة “ ايميلات المنشأت الداخلية”، عبر وسائل التواصل.
و منشأة أخرى مثل شركة Best Buy تملك سياسة صارمة أيضا في كيفية تعامل موظفيها مع وسائل التواصل فهي تمنع موظفيها أن يكتبوا أي أمور عنصرية أو عرقية أو مذهبية في حساباتهم الشخصية في وسائل التواصل.
و شركة عملاقة مثل Walmart قامت بفصل أحد مدراءها لأنه قام بعد نهاية الدوام بنشر صورة منقبتين وسخر منهما.
كما أن شركة HP تجيز لها سياساتها بأن تطالب موظفيها بأن يقوموا بحذف أي تدوينة أو تغريدة تراها غير لائقة.
هذه المنشآت العالمية تؤمن جدا أن سمعة موظفيها جزء لا يتجزأ من سمعتها. لذا تهتم كثيرا بالحفاظ على صورة مشرقة لموظفيها كما انها وبطيقة غير مباشرة تساهم في ضبط المجتمع و تهذيب سلوكه من خلال ضبط موظفيها.
الكثير من موظفينا و من منشآتنا العزيزة تطبق المدرسة القديمة في الادارة و تؤمن أن علاقتها بموظفيها تنتهي بانتهاء الدوام الرسمي. وللموظف أن يفعل ما يشاء بعد ساعات الدوام الرسمي وهذا غير صحيح.
منذ هذه اللحظة على جميع منشآتنا التعلم من تجارب المنشآت الغربية في التعاطي مع وسائل التواصل و من حادثة “بلاش بربرة” لتحافظ على سمعتها و تواجدها في السوق، وعليها أن تبدأ فورا بإعداد سياساتها الخاصة بوسائل التواصل، كما أنه يتحتم على الموظفين والمنشآت على حد سواء أن يقتنعوا أن السمعة الوظيفية تتأثر بالسمعة الشخصية سواء أثناء ساعات الداوم أم بعده.
أماني
أكتوبر 6, 2016 عند 4:44 ص
بعض المدراء يعتقد بأنه من حقه كمدير ان يطلب من الموظف الصغير خاصة اداء مهمه وان كانت مخالفه ويستخدم القوه والسلطه لفعص وطرد الموظف بحجة
انخفاض اداءه الوظيفي وعدم قيامه بواجباته الجوهريه على الشكل المطلوب..
“بس مايمنع انه الطرفين في قصتك خسرانين خساره فادحه”.
وبالنسبه لسياسات الشركات انا مع وبشده لوضع انظمه واضحه وصريحه لأسلوب تعاطي الموظفين مع مواقع التواصل ان كان الموظف ينشر اراءه بإسمه الصريح بالتحديد.
mbakhshwin
أكتوبر 6, 2016 عند 5:08 ص
أتفق معك، سوء استغلال السلطة هي مشكلتنا في عالمنا العربي للأسف، وجود سياسات واضحة و منظمة للعمل هي الحل الأفضل لتهذيب قوة السلطة.
شكرا لمشارتك ومتابعتك أ. أماني
🙂