كمتابع محب لكرة القدم، فإنني دوما أتابع الكرة وأحلل المباراة وعطاء اللاعبين بعينين مختلفتين، عين المشجع المحب الذي يستمتع بالكرة، وعين مهتمة بالإدارة و هموم الموظفين و قضايا البحث عن عمل، وأحاول ربط أحداث المبارة وعطاء اللاعبين بهذه القضايا.بعد أن أضع ميولي جانبا طبعا، وطالما أركز على العطاء فسيحضر الفتى الذهبي حسين عبدالغني لاعب الملكي / الأهلي السابق و لاعب العالمي / النصر الحالي، سأستعرض هنا مسيرته بعين إدارية بحته:

  • هذا اللاعب صاحب الـ 38 عاماً ” ماشاء الله” وهو عمر كبير في عالم كرة القدم، هذا العمر يقابله سن التقاعد في الوظائف الأخرى، يعتبر حسين درساً مفيداً للموظفين و لطلاب العمل على حد سواء، فالعمر ليس عائقاً للعطاء متى حافظنا على أنفسنا و صحتنا و لياقتنا البدنية والفكرية و اهتممنا بمهاراتنا وطورناها.

  •  حسين فرض نفسه بعطاءه، ففريقه يحتفظ به ويحرص على وجوده  لأنه يشكل إضافة حقيقية للفريق، وليس مجرد احتفاظ بلاعب  كنوع من التكريم حتى ينتهي عقده كما هو الحال مع لاعبين آخرين كبار في فرق أخرى تحتفظ بهم فرقهم كنوع من التكريم لا أكثر ، ودون أن يشكلوا أي إضافة، وذات الأمر في الحياة الوظيفية فبعض الموظفين قرب التقاعد لا يشكلون أي إضافة وتفضل مشآتهم الإبقاء عليهم حتى ينهوا عقدهم أو يتقاعدوا

حسين عبدالغني

حسين ورغم سنه هذا ” عيني بارده” لازال يستطيع عمل “سبرنت” أي الركض فجأة بأقصى سرعة متجاوزاً الخصوم، وهذا مايتطلبه العمل الوظيفي أيضا فعلى الموظف معرفة متى يستغل الفرصة ليباغت منافسيه ويفوز عليهم بشرف، وطلاب العمل كذلك متى عرفوا التوقيت المناسب للإنطلاق فإنهم سيصلوا قبل منافسيهم.

  • يعد حسين من أثرى أثرياء لاعبي الكرة السعودية حسب صحيفة يورو سبورت العربية* إلا أنه ورغم ملايينه، ماشاء الله 2″ لازال شغوفا باللعب، وهنا دروس كبيرة للموظفين وطلاب العمل،

فحسين يلعب ويحرث الملعب ليس لأجل المال فقط، بل لأنه يعشق اللعب، كذلك فمتى أحب الموظف وظيفته فإنه بلا شك سيعطى كل ماعنده وبأقصى ما يمكن و بالتالي فإن وظيفته ستعطيه لاحقاً.

أن نبحث عن وظيفة للقمة العيش فقط أو نذهب لأعمالنا دون حب، سيقلل كثيرا من آداءنا وعطاءنا.

  • كان حسين لاعباً أهلاوياً يشار له بالبنان، فبعد قضاءه سنين طويلة في فريقه السابق الأهلي، فجأة انقلبت الظروف ضده وباتت أجواء فريقه غير مرحبة بوجوده، إلا أن حسين لم يستسلم أو ينهزم أو ييأس، بل كان قوياً وذكياً في اختيار التوقيت المناسب للرحيل و الإنتقال لفريق آخر ليكمل مسيرته الكروية.

وهنا درس مفيد للموظفين و الباحثين عن عمل، فمعرفة التوقيت المناسب لمحطتنا الأخرى أمر هام، و خروجنا من منشأتنا الأولى لأي سبب كان أو حتى فشلنا في محطتنا الأولى لا يعني أبداً أن نستسلم أو نتوقف.

  • شخصية حسين القيادية لايختلف عليها إثنان، فهو درس رائع للقياديين والمسؤولين في كيفية شحذ الهمم وتحمل المسؤولية و تصدر المشهد. ويظهر هذا جليا في تاريخ حسين القائد، ففي المواقف المتأزمة تجده قائدا في مقدمة فريقه، و في وقت الإنتصار تجده يقدم أفراد فريقه قبله ويقبع في آخر المشهد، وهنا ثقافة القائد الحقيقي التي تظهر في المواقف. وفي هذا درس هام للموظفين وحتى طلاب العمل، في شحذ الهمم، فمتى كان الموظف أو الباحث عن عمل في معنويات مرتفعة فسينجح بلا شك في الوصول لهدفه،

  • *صورة صحيفة الشرق

نور وحسين

ومن المواقف الإدارية والدروس الرائعة في مسيرة حسين، حين إنضم الأسطورة والقائد نور لفريق النصر وكان حسين قائدا للنصر، وتوقعت أنا شخصيا حدوث بعض المشاكل لوجودهما سويا في نفس الفريق، فنور قائد بالفطرة مثله مثل حسين وقد تعود أن يلعب دور القائد، كنت أتأمل سكنات حسين وتصرفاته مع زميله في الفريق نور، ولا أخفي إعجابي، حين رأيت حسين يقدم نور كثيراً على نفسه حتى في إستلام الكأس والذي رفعه بالمشاركة مع نور، وهنا تتجلى روح القائد الذي لايهمه الظهور بقدر  رغبته في إظهار فريقه.

معاذ

  • المهارة ليست كل شيء، بل المثابرة والرغبة في العطاء والصبر يفوقان المهارة أهمية، بدليل إختفاء لاعبين فجأة ودون سابق انذار، كانوا نجوما في الملاعب ذات يوم و قمة في المهارة والموهبة كمالك معاذ الذي أفل نجمه سريعا، حسين جمع المهارة والمثابرة ولم يتكل على مالديه من مال  ويهمل عمله، وهنا درس هام للموظفين وطلاب العمل،  فمهارتهم وحدها دون كفاح وتطوير ذات ستنتهي سريعا بظهور آخرين في المشهد

مهما إختلفت ميولنا أو اختلفنا حول شخصية حسين،  إلا أننا سنتفق جميعا حول اداءه وعطاءه في ارض الملعب.