كنت أقرأ في القصص القديمة كألف ليلة وليلة وغيرها كلمة “ صُرَّة من الدنانير” وحقيقة لم أكن أكن أعرف شكل هذه الصرة ولم أتخيل شكلها رغم محبتي للدنانير بكافة أشكالها وألوانها وأجناسها ابتداء من الريال مروراً بالروبية فالين حتى الدولار وذلك بحكم أصولي الحضرمية العريقة.
وبحكم تواجدي في كندا حيث يستخدمون وبشكل كبير النقود المعدنية من فئة دولارين ، دولار، ربع دولار، ١٠ سنت، خمسة سنت، و سنت واحد، لذا وعلى طريقة مجبر أخوك لا بطل فقد وجدت نفسي شيئاً فشيئاً أجمع النقود المعدنية في “ صرة” وأخيرا بت أملك صُرَّة من الدنانير أو الدولارات
بعد مدة ثقلت الصرة وزناً لا قيمة، فقررت أن أقوم بٍعَدِّها والذهاب بها للبنك لاستبدالها بعملة ورقية، بعد الإنتهاء من العد كان عدد السنتات / هللات ١٠٠٠ سنت وزيادة أي ما يعادل فقط ١٠ دولارات
ذهبت للبنك بصُرَّة الدنانير و كان الطابور طويلاً وعندما وصلت لموظف البنك أخذها الموظف مبتسماً وبدأ عدها يدوياً ( سنت سنت ) أخذت عملية العد وقتاً طويلاً حيث قام الموظف بوضع ١٠٠٠ سنت على طاولته ويقسمها لمجموعات لتسهيل عملية العد. في واقع الأمر كنت في حالة إحراج من الوضع خاصة من الأشخاص الذين يقفون خلفي في الطابور، كنت أراقب ملامح الناس عن بعد وكذلك موظف البنك، الجميل والمدهش أن الجميع كان يقف خلفي ودون أن المح في وجه أياً منهم أي علامة تذمر أو اعتراض.
حتى موظف البنك أثناء عملية العد كان يقوم بذلك وهو مبتسم وبين الوقت والآخر يعتذر مني على التأخير.
انتهت العملية وسلمني الموظف ١٠ دولارات فقط، ثم شكرني على صبري ثم أضاف وبكل أدب: سيدي نتشرف بخدمتك ولكن حفاظاً على وقتك فهناك فروع أخرى لديها أجهزة لعد النقود المعدنية، لكن مرحباً بك في فرعنا في أي وقت، بادلت الموظف الابتسامة وشكرته وغادرت البنك
إن خدمة العملاء عملية لا تخلو من الفن والصبر والذوق والعلم، كان الموظف يستطيع مباشرة توجيهي للفرع الآخر حيث جهاز عد النقود بمجرد رؤيته النقود المعدنية ،وكنت سأذهب لذلك الفرع مباشرةً و راضياً، لكنه لم يفعل ذلك، بل قام بخدمتي حتى النهاية ثم قام بتوجيهي وإبلاغي بالمعلومة ولكنه لم يبلغني إياها على أنها أمر إلزامي يجب اتباعه، بل أبلغني إياها بشكل غير مباشر وكأنها خيارات متاحة أمامي يمكنني اختيار مايناسبني منها.
إن تصرف الموظف كان في قمة الأدب والرقي والإحترافية التي لم تكن لولا وجود تدريب واضح ومتقن وتدريب الموظفين على سيناريوهات مختلفة قد تواجههم في يومهم الوظيفي وكيفية التعامل معها
إن هذا الموقف جعلني عميلاً وفياً لهذا البنك وكلي ولاء له و أقوم دوماً بذكره كلما أتيحت لي الفرصة،كان البنك الكندي ذكياً بتدريبه الإحترافي لموظفيه، فقد كسبني مندوباً مجانياً لهم أقوم بالدعاية لهم وكأنني موظف رسمي
من السهل أن تكسب عملاءك بذكاء وتجعلهم يتحدثون عنك ومن الأسهل أن تخسرهم و تكسب سخطهم وتجعلهم يشوهون سمعتك.
٣٠/٠٨/٢٠١٣
محمد باخشوين
@msb1208
تفاجأ جميع الموظفين بورقة معلقة على باب ادارتهم موقعة من مديرهم يقول فيها: بالأمس توفي الشخص الذي كان عقبة في طريق نجاحنا و معيقاً لتقدمنا في هذه الشركة، أدعوكم جميعاً للحضور لغرفة الإجتماعات لإلقاء نظرة الوداع على الميت و للحديث عن مستقبلنا.
انتاب الموظفين مشاعر مختلطة، الأولى حزن على موت زميل لهم، و الأخرى فضول كبير لمعرفة من هذا الشخص الذي توفي وكان عقبة لتقدمهم.
في منظر مهيب بدأ الموظفين بالتدافع للوصول لحجرة الإجتماعات حيث يستقر نعش زميلهم المتوفي في مقدمة الحجرة.
حين بدأ الموظفين بالإقتراب من التابوت لرؤية زميلهم المتوفي انعقد لسانهم و لم ينبسوا ببنت شفة، فلم يجدوا جثة، كل ما وجدوه هو مرآة موجودة مكان الجثة وما أن ينظروا في المرآة حتى يروا أنفسهم. وبجانب المرآة كانت هناك ورقة مكتوب فيها: هناك شخص واحد من كان يعوقنا من التقدم والنجاح، هذا الشخص تجدونه في المرآة.
انتهت القصة.
“>
إن أكثر ما يدفعنا للوصول لأهدافنا هو ذواتنا فقط، و أكثر ما يعوقنا كذلك هو ذاتنا أيضا.
مخطئ من يظن أن مجرد تغيير شركته، مديره، أو زميله في العمل سيغير حياته.
لن يحدث هذا التغيير ما لم نتغير أولاً، فالتغيير يبدأ منا.
من الجميل أن نعقد صفقة صلح مع ذاتنا قبل البحث عن شماعات نعلق عليها فشلنا، ومن الأجمل أن نتعامل مع ذواتنا وكأنها شخص هام يهمنا التقرب منه.
يقول مثل غربي: حياتنا كالبيضة،إن كُسِرت البيضة بفعل قوة خارجية تنتهي الحياة،وإن كُسِرت بفعل من بداخل البيضة تبدأ الحياة. الأشياء الرائعة تنبع من داخلنا.




